الجمعة، 1 مارس 2019

قراءة متمعنه للمجموعة القصصية بعنوان (عندما رحل القطار)للدكتور هاشم عبود الموسوي

هذا ما كتبه د. فيصل إبراهيم المقدادي عن مجموعتي القصصية :
قراءة متمعنه للمجموعة القصصية بعنوان (عندما رحل القطار) للدكتور هاشم عبود الموسوي
أن قصص (عندما رحل القطار) القصيرة جامعةٌ سرديةٌ مركزةٌ لتجربة ثقافة الكاتب (د.هاشم عبود الموسوي) الاجتماعية والفكرية، فعن هذهِ بالذات أيضاً يُمكن للقارئ أن يَفهم الكثير، ويتمتع بما هو معقول من أحداث وصراعات وتحديد المواقف، وأن يكتشف أصول وجوهر الفكر المتقدم وأن يقوم على أسرار ومضامين البشر الآخرين (ألمان، يونانيين وعرب) بالعلاقة مع فعل المؤلف (الشاعر العراقي) في خيالاتهِ وفهمهِ ومعالجاتهِ، فالقصة القصيرة هي الأُخرى تكشف مدى صدق أو كذب الأـديب في إبداعهِ، لذا يقال بأن تأليف (عندما رحل القطار، الحلم الضائع، رجوع الشيخ إلى صِباه، ريتا وحضارة وادي الرافدين) مثلاً تكشف شروط بلاغتها وأحكامها الاجتماعية أيضاً، فالأحاديث السردية (المفتوحة والمغلقة) مثلاً بصياغة أفكارها وأحداثها الأدبية-الفنية، المستقبلية والمُتخيلة مع شيئٍ من الإنتقاءات الجمالية، إنما صارت حكايات واقعية وأكثرها في (رجوع الشيخ إلى صِباه) وبتشويقٍ غريب، غير متوقع، يُجيز للشيخ (هادي) لأن يمد يَدَهُ لتستقر وتتمتع في مكانٍ بين فخذي زوجته الشابة ليلة عرسها ويستسلم في نومٍ عميق.. (...منذ ذلك الحين والشيخ هادي ينام كل يوم وهو واضعاً يده على نفس المكان لينهض في الصباح بكلِ حيوية، مُستقبلاً يومه الجديد).

أن موضوعات وأفكار قصصه منتقاة من مواقف الحياة عن نماذج اجتماعية مميزة، خاصة تلك التي بعنوان (ريتا) وحضارة وادي الرافدين حينَ لقنه الموسوي صديق ريتا درساً بليغاً مما دعاها –بعد ذلك- للفرح وتطلب من النادل أن يوزع المشروبات مجاناً على الزبائن وتطلب منهم أن يغنوا ويهزجوا وينسوا ما حدث .. ثم .. (وفي غمرة انفعالها راحت تصف لي شعورها بالمرارة من آلام دفينة اختزنتها لفترة طويلة، حاولت أن انسيها كل همومها مع هانس وأشعرها بدفء وادي الرافدين .. وبعذوبة مياه نَهرَّيهِ، حيث قالت لي (ريتا) عند الصباح: (هذهِ ليلة ليست ككل الليالي .. لكننا لابد لنا أن نتحدث عن تاريخ العراق وحضارته القديمة في مرة أُخرى).
أن عملية إنتقاء القاص موضوعاته وشخصياتها بنجاح تدعوه بالتأكيد لملامسة نبض الحياة أدبياً-فنياً بكامل وجودها، وأخيراً تحاول أن تُحقق معناها الاجتماعي المُعبر بوضوح عن كيانها الوجودي والمستقبلي بآمالهِ وأحلامهِ، بأفراحهِ واتراحهِ، وبالرغم من أن بعض الذكريات في سردياتهِ وتداعياتهِ يصعب رصها مع -المفهوم القصصي- إلا أنها تبقى حكايات حافلة بثقافة المجتمع، وهي ليست مجرد حبكات وصراعات –بأنا- المؤلف جُمعت اعتباطاً بذروات مشوقه كيفما اتفق، وأنما هي تعبير حي عن موضوعات حيوية بشهقات أحزانٍ "وأفراحٍ" جرى تحقيقها بذكاءٍ في حبكات حوارية مُعبرة بوقائعها فهي كما يقال: كالشعرِ حين يكون: (موسيقى النفس ولحن الزمن وقيثارة الوجود) ذات رسالة للتطهير الروحي (كاثارسيس)، وتُلخص من زاوية أُخرى أهدافاً في الترفيه والتسلية من خلال الفرح والحزن والتأمل الروحي الذي تثيره فيهم كما في الموسيقى والرسم والمسرحيات.
فالحكايات جاءت هنا لتملأ فضول المتطلبات الحياتية الآنية والمستقبلية المتحققة والمتخيلة بطريقة جمالية حلوة بين الوعي واللاشعور معاً.
وحين يسترسل في سردياته لبعض المفارقات اللامعقولة أو العبثية المؤلمة لا يسرح في السمو حتى السخرية من المعايب شاهراً ذاته –الرافدينية- المثقفة –فوق الجميع الألماني- أو أي شيئ من هذا القبيل بل بشعورٍ موسوي عراقي مثقف بالمسؤولية تجاه الآخر وحتى في نهايات حكاياته يبقى مثيراً لتساؤلات تدعوا للوعي والموقف السليم والسمو في العلاقات الإنسانية لبديلٍ إنساني معقول.

بقلم: د. فيصل إبراهيم المقدادي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق