الخميس، 15 نوفمبر 2018

عاصفة،،،منير المسروقي

عاصفة
ولولة بين الأرض والسّماء واقتلاع التراب
غضب وغربلة وتقاسم الأدوار
رياح تشتدّ وسحب حجبت نور الشّمس
وارض بعذريّتها ترقص لتثور ...

عجبي .. من أرض باعت عذريّتها للرِّيح
فلا غيث ولا انجاب بعد حمل ولا لقاح
وعجبي من عاصفة قصفت بالمكان
وبعجرفة التطبّع أوجدت لها صلاحيّة الاغتصاب

المكان لم يعد لنا والأرض جرفت أديمها
وكلّ اشياءنا افتكّت منّا وانتزعت انتزاعا
عاصفة بعنجهيّتها تكنس معلنة عن بداية زمن الهدم
وقد انتهى زمن الفصول الأربعة ...

حب فارق القلوب العطشى وقد احتلّت مكانه الأحقاد
فنفور وكراهيّة وإعلان الحرب والمواجهة وجه لوجه
وإثر اعمار تدحرجت الإنسانية من نجاح إلى فشل
ومن قبول إلى الرّفض وعدم الاعتراف بالآخر

امّا أنا .. فقد أقمت صرحي ورفعت اسواري بيدي
حفرت آباري وجعلت خنادقي وبنيت معبدي
استلمت عرشي ووضعت تاجي فوق رأسي
وحكمت بالعدل دولتي ..

جمعتهم حولي وخطبت فيهم
الدِّين اكتمل والوحي عن الأرض رحل
فلا نبوءة ولا تجدّد نحل
كونوا للطّبيعة أسيادا واصنعوا لذواتكم اتجاهات
تعلّموا الصّمت فبالثّرثرة يتمكّن منكم اضعف عدوّ
واجعلوا من الرِّياح سفن تحملكم حيث تشاءون

كونوا الأنبياء ولا تنتظروا أحدا
اعرجوا بعقولكم وانتشروا بأجسادكم في الأرض
كلوا من طيبات ما صنعتم بأياديكم
ولا تقرؤوا التّاريخ .. فما فات مات

لا تكتبوا انتصاراتكم ...
بل اكتبوا حماقاتكم لكي لا يتمكِّن منكم الغرور فيسحقكم
وغضّوا ابصاركم .. ولا تكثروا النّظر إلى السّماء
فإنّ لها صانع يحميها ..

ابحثوا عن الله فيكم .. وكونوا جديرين بالخلافة
ولا تكذبوا .. فإنّه قاتل للنّفوس ومهلكها
ولا تلوِّثوا المياه .. فهي أصل الحياة
واجعلوا من اللون الاخضر رمزا لمدينتكم
وازرعوا مع كلّ مولود شجرة ..

لا تخشوها العواصف فأعماركم أطول بكثير
بل اخشوا الكبر والعجز .. فهما سبب الفناء
وامتلئوا حبّا .. فالحب لقلوبكم شفاء من كل داء
وأن اتركوني بعشقي يا سادتي
فالعشق هو لبّ الصّفاء .

منير المسروقي
14/11/2018

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق