الخميس، 18 أكتوبر 2018

عن الكلمة مرة أخرى...إدريس بندار

عن الكلمة مرة أخرى...
°°°°°°°°°°°°°°°
_ 2 _
على وقع سحرها وانسيات الآهات الدفينة فيها احمل لوعتي واكتب ،عن كل شيء يراودني ،عن قلق جارف وحزن متوغل في عمق أعماقي ،عن طفولة تحمل شقاوتها وبساطتها ،عن حلم بسيط ،عن قبلة ضائعة بين شفاه نساء هاربات خلف سجف الصمت ،عن لمسة حانية ترأب الصدع الساشع بيني وبيني ،عن الأم التي حفرت برحيلها مهاوي من الأسئلة ،عن الحبيبة التي لم أجدها إلا في رفوف الذاكرة ، عن تشققات الصمت المهترء بين الحنايا ، عن المدينة التي لم تولد بعد ،عن زقاقها القلقة ،وشوارعها المتوجسة الخائفة ...
الكلمة تستدرجني دائما إلى عمقها بغمزة عين ،أو إيماءة طرف ، رغم أنها غالبا لا تفي بالغرض، ولا تستطيع التعبير عن كل الحقيقة، في عمق أحدنا حقائق غير قابلة للبوح ، لأسباب نعرفها أو نجهلها، وفي أحيان أخرى لا تطاوعنا اللغة في كتابة أعماقنا بالشكل الذي نريده،لكنها تغوينا بأنوثتها الطافحة ، نصنع منها أرجوحة حبلى بالأغاني السائبة المتمردة والقلقة،نحن الشعراء غاوون فعلا ضد الرتابة والقرف ، ضد التذويب المفتعل ،نمتد بأوصال الجمال عمقا ليضرب في عمق القبح والشين ، الفضاءات الممتدة في بلدتي هي كلمات قيلت دون تحفظ ولا مواربة ، كتبتها أجيال متعاقبة ، من اجل عبارة واحدة الحب حرية: الحب لهذه الجدران المتداعية ، والحرية لكل الطرقات المتوترة المتشنجة ، لهذه الغابات الواسعة مثل حلمنا وجرحنا ، نحب كل شبر فيها ، كل الورود المعفرة ببول الكلاب وقيئ السكارى ، الكلب ابن بلدتي والسكير كذلك ، لا أحد منا يستطيع البوح بحرية عما يضمره ، إلا حين نحلم ببلاهة حتى ننمحي ،فيكسر اللاشعور قيود الشعور،فتنتفض ترسبات السنين رغما عنا ، النباح حرية ، لسنا كلابا على كل حال ،لكننا نحب أن نعيش بحرية.

إدريس بندار
°°°°°°°°°°°°°

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق