الثلاثاء، 28 أغسطس 2018

(بكائي ينافس زهو المطر)-محمد عبدالكريم الشعيبي-

(بكائي ينافس زهو المطر)
_______________

طويلةٌ أسفارُكَ يا أبي!
فلا تلمني
إذا ضقتُ اصطبارا
إنني بشرٌ
ليس لي صبر نبي.
عامان مرا
وكم زرعناك انتظارا
فوق شرفات الخطى
المسافاتُ اليتامى فيك ملأى
بالصحاري القاحلات.
وبقافلةٍ تنوء
بحمل الشوك والحطبِ.
فصلُ الربيعِ إنتهى
والأماني التي كانت معلقةً
بأشجار التين والعنبِ،
أغوى الصقيع تربتها
فأمستْ تعاني كآبة الجدبِ.
***
رحلت عن الدنيا بلا وداع
يتبعكَ كوكب دري
فضي الشعاع
أضاء فضاء الكون والسحب،
وحين سرى لمسامعي نباء الوفاة،
عيوني إليكَ تخاطفت
من كل هدبِ.
والدموعُ الرديفة لمقلتي،
لزوابعي،
للسواقي الجاريات....تساقطت
جداولاً وأنهارا.....فأغرقتْ
الخد والوجنات
وقطنَ المندلِ الرطبِ.
***
منذُ غادرت هذي الحياة
والجراحُ يا وجعي
نازفات...لم تشفى ولم تطبِ.
والنظراتُ على كل نافذةٍ هنا
ترقب رجوعك
بصمتٍ بالغِ العتب.
ويدُ النار داخل أضلعي
تصبُ الزيت...لتوقد جذوة اللهبِ.
***
يا من تسلقت المساء الحزين
إلى ملكوت ربي
حتى بلغت مشكاة اليقين،
وهناك..توضأت بشلال الصلاة
الدافق العذِبِ،
ووقفت تدعو خاشعاً
في ساعةٍ لا يوجد بها سواك
"اللهم هون ألم الفراق
على أهلي وصحبي
وقت أقضي أجلي ونحبي"،
ثم مضيتْ تسعى
بكفنٍ أبيضٍ
بين كعبة روحي وركن قلبي،
بحق من جعلك ناسكاً
تتعبد في محراب حبي
داوي أسئلتي بترياق الجواب
قُلْ أي شيءٍ وإني لراضٍ
لماذا قسوت علينا
بهذا الغياب؟
وأنت الذي لا يحب القساه
وأنت الذي فاض نداه
حناناً فوق أرض الصبا
ومطارح ريعان الشباب،
كيف هان عليك التواري
وراء الغيم والسُحبِ؟
وأنت الذي كان سناه
نجماً ساطعاً ينير دربي
في الليالي الحالكه
لأبقى مثل أعمى
أضاع هداه،
يمضغ أساه،
يسترشد بأكوام الضباب
ربما لكي يتلأئم
مع أوهام السراب!.
***
يا أشقائي
يا ابناء عمومتي
يا أصدقائي الأغلى
من المرجان والذهبِ،
رحل الذين نحبهم
إنهُ الموت عرس الذين يريدهم
يزفهم طرباً إليهِ.
بكااااائي ينافس زهو المطر
فهللوا قولوا معي
رحمة الله تغشى أبي.

-محمد عبدالكريم الشعيبي-
٢٨-٨-٢٠١٨

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق