الأحد، 30 سبتمبر 2018

[[ علم العروض وجهة نظر إنتقادية ]] ✍ بقلم / جميل الصويلح

[[ علم العروض وجهة نظر إنتقادية ]] بقلم / جميل الصويلح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لقد سمي هذا العلم بعلم العروض : هو انه الشعر يعرض عليه وما وافقه كان شعرا صحيحا وما خالفه كان معيب وليس شعرا .. وهذا من وجهة نظر الخليل ابن احمد الفراهيدي مبتكر علم العروض ومن ايده من العلما والشعراء بعده .. والفراهيدي هو عالم من علماء اللغة وكان استاذا لسيباوي والذي بدوره اي سيباوي تفوق على استاذه في علم النحو .
★ والشعر هو ما اصطلح عليه بأنه ذلك الكلام المنسق والموزون عن قصد .. أي انه اذا وافق بعض الكلام الوزن احيانا فلا يسمى شعرا وحتى وأن وافق وزنه لاحد ابحر الشعر المعروفة .. فلا يعتبر شعرا وذلك لعدم توفر القصد في الوزن!!
★ ما قبل عصر الفراهيدي كان الشعر يقال بالفطرة والسجية موزون ودون حاجة لعلم العروض ــــ!!
ولذلك هناك منتقدين لعلم العروض وهناك ايضا مؤيدين له ، في عصر الفراهيدي وفي عصرنا الراهن ايضا .. ومن ابرز الحجج للمؤيدين لعلم العروض والمنتقدين لعلم العروض هــــي وعلى سبيل المثال وليس الحصر وكما يلــــــي:
★★★اولا : [[.من ابرز حجج المؤيدين أو المتشددين لعلم العروض]] هي :
المؤيدين لعلم العروض قالوا ان من فوائد علم العروض وبحسب ما جاء ايضا في كتاب الشيخ الدكتور محمد حسن عثمان بعنوان ( المهذب في علمي العروض والقوافي) مايلــي:
1- حصر اوزان الشعر ومعرفة ما به من خلل في زيادة او نقصان .
2- ان الغير مُدرك لعلم العروض قد يقول بيت من الشعر ويظن انه صحيحا بينما هي تكون مكسورة . او خلط بين البحور والاوزان.
3- من يجهل علم العروض قد لٱ يعرف التفريق بين القافية المطلقة او الامتناع .. فالعرب عندما يقفون بأقوالهم يقفون بالسكون .. ولكن علم العروض واوزانه تمكن الشاعر من معرفة او التفريق بين القافية المفتوحة اي المطلقة او الامتناع .. فالقافية المفتوحة مثلا هي التي تقف بالفتحة ويتم إشباعها لينوب عنها الألف ، وهكذا فالضمة تشبع فينوب عنها الواو ، والكسرة عندما تشبع ينوب عنها اليا ..!!
4- ومن حجج المؤيدين ايضا لعلم العروض هو ان العصر ما قبل الفراهيدي كانت لغة العرب مطبوعة على الفصاحة ، وبالتالي ففي عصرنا الحالي من اراد ان يأمن اختلاط الاوزان والبحور والفصاحة فهو اذا يكون بحاجة الي علم العروض.
5- كذلك قال المؤيدون لعلم العروض: أن الجاحظ وهو الذي ذم علم العروض هو ايضا اثنى علي علم العروض بقوله : ( هو علم الشعر ومعياره وقطبه ومداره به يعرف الصحيح من السقيم والعليل من السليم وعليه يبنى قواعد الشعر وبه يسلم من الكسر ومن يعرض عن هذا العلم هو من نأي طبعه عن قبوله ونائ به فهمه عن قوله ) .
★★★ ثانيا : [[ من ابرز حجج المعارضين او المنتقدين لعلم العروض وهم كثر]] هي
:1- ان الفراهيدي هو ليس مبتكر لأوزان بحور الشعر الــ 15 التي صنفها وإنما هي بحور موزونة جاهزة ومن ابتكار وإبداعات الشعراء انفسهم ومنهم في عصر الفراهيدي ومنهم ما قبل الفراهيدي ايضا ..
… . وما وضعه الفراهيدي هو ابتكار لعلم العروض وهو بمثابة قواعد او معايير لاوزان الشعر بحسب تصنيف الفراهيدي لأنواعه و بحور الشعر الــ15 وهي التي كانت اصلا موجودة وعرفت وتداولت حتى عصر الفراهيدي وما قبله ، واصطلح الفراهيدي لكل نوع منها اسم وعتبرها بحر من بحور الشعر وبعدد 15 بحرا وكما هي معروفة للكافة .
2- ومن الانتقاد على قصور بحور الشعر التي وضعها الفراهيدي بحسب علم العروض ايضا :
هو ان الأخفش تلميذ الفراهيدي أتى ليضيف بحرا جديدا من بحور الشعر وسمي بالبحر بالمتدارك .. لتصبح عددها 16 بحرا ..!!.. بمعنى أن علم العروض الذي وضعه الفراهيدي والتصنيف لبحور الشعر كان قاصرا اعتمد على ما هو موجود من اساليب وبحور الشعر ، وبدليل انه بعد الفراهيدي اضاف الأخفش بحر جديدا وهو المتدارك ... ولم يتجراء او يجتهد احدا بعد الاخفش لاكتشاف او لإضافة بحور شعرية جديدة بسبب المعارضة المتشددة من قبل مؤيدي علم العروض ، ما يعني ان علم العروض تسبب في تقييد المبدعين والشعراء العرب لما بعد الفراهيدي عن اي محاولات للابتكار او التطوير لإبداعات او ابتكار اساليب واوزان شعرية من بحور جديدة للشعر العربي … وبمعنى اخر هو انه يمكن القول جوازا بأن كل الشعراء العرب ما بعد الفراهيدي والاخفش وحتى يومنا هذا ماهم إلا في حكم المقلدين لإبداعات و أساليب وأوزان ابتكرها من سبقوهم من المبدعين الشعراء العرب حتى عصر الفراهيدي وتلميذه الأخفش ..!!
3- ومن المآخذ ايضا على علم العروض هو إن الجاحظ و هو من ابرز علماء اللغة قد ذم وانتقد علم العروض .. وقال الجاحظ في ذمه لعلم العروض : ( هو علم مولد وأدب مستبرد يستكد العقول بمستفعلن ومفعول من غير فائدة ولا محصول ) . !!
4- ومن المآخذ ايضا : هو ان الذي يقول الشعر الموزون بالفطرة والسجية فلا حاجة له بعلم العروض ، وكان العرب قبل الفراهيدي يقولون الشعر بموسيقا ووزن صحيح دون ان يكون موجودا علم العروض!!
5- كما يؤخذ عليه ايضا: هو ان علم العروض يُخرج الشاعر من بديع الألفاظ وجمال المعاني إلي الركاكة والقصور او الي الزلل أحيانا... اي ان الشاعر عند وزنه لأبياته الشعرية يضطر احيانا إلي استبدال او حذف كلمات من البيت او الوقف حتى يصل الي تحقيق الوزن وبحسب وزن البحر الذي اختاره ونظم به شعره ، وبالتالــــي فإن عملية الحذف او الاستبدال او الإختيار للكلمات والألفاظ بديلة .. هذه العملية تؤدي إلي تغير او اضعاف المعاني البليغة التي ارادها الشاعر للبيت .. وهنا تكمن المشكلة ، فعلم العروض يفرض على الشاعر التقيد التام باوزان بحوره المحددة سلفا لكي يتحقيق الوزن المطلوب لأبياته الشعرية .. ولكــــن للاسف احيانا كثيرة يكون ذلك التقيد/ بعلم العروض يكون على حساب البلاغة وجمال المعنى ، وعلى حساب وقف الابتكار والتطوير واستحداث اساليب جديدة ، ولا يتناسب مع شعراء كل مكان وزمان ، أي ان علم العروض يكون سببا في هزالة وركاكة الشعر العربي احيانا ، وفي منع أي ازدهار أو تطوير للشعر العربي ايضا .
6- ومن المآخذ ايضا على علم العروض:
هو ان منتقديه من الشعراء والأدباء العرب وذوي المواهب في عصر الفراهيدي وفي عصرنا الحالي يتذمرون كثيرا من صرامة التشدد بالتقيد بعلم العروض ومن تعقيده وصعوبة تطبيقه حرفيا .. لدرجة ان الشاعر او الموهوب يشعر بأن علم العروض يسلب حريته وسجيته وبدلا من ان يكون علم العروض مساعدا له في اطلاق وصقل موهبته الشعرية؟ اصبح علم العروض عائق يكبح جماح الكثير من الشعراء ويقيد إنطلاقته ومخيلته الشعرية ومواهبه وسجيته وفطرته أو بلاغته وذلك في ان علم العروض هو من يتحكم ويقولب الكثير من اعماله الادبية الشعرية .. وليس هذا فحسب بل نجد ان المتشديين لعلم العروض يعتبرون ان اي نص عمودي او غيره لا يطابق في الوزن حرفيا لبحور الشعر للفراهيدي والأخفش وعلم العروض؟ ولٱ يعترفون بانه شعرا ولا يعتبرون قائلها شاعرا ايضا .. بل يعتبرون نصه مجهول الهوية؟؟ وليس له مكان في بحر الشعر مهما كان او بلغ ذلك العمل او النص من الفصاحة أو البلاغة او الوزن الموسيقي او القوة في الابداع او التميز او السبق في التراكيب اللغوية والبلاغية او خصوبة الخيال الشعري وقوة المعناني والمقاصد ايضا ..!! .. ولذلك نجد للأسف بأن المتشددين لعلم العروض يروجون ويعترفون بالكثير من النصوص الشعرية الركيكة وهزيلة وخالية من اي ابداع او جمال او بلاغة .. بل ويعترفون بها بأنها شعر فقط لمجرد انها متفقة بالوزن مع علم العروض؟ وجل معايرهم؟؟ هو إذا ما وافقت تلك النصوص الركيكة والهزيلة للأوزان في علم العروض الموضوعة في عصر الفراهيدي ، وما خالف علم العروض وبحوره بالوزن فهي من وجهة نظهرهم نكرة ولٱ تستحق الترويج لها ولا يعترفون بها بأنها شعرا ..!!
7- ومن الأمثلة على ذلك القصور والتذمر ومحاولات التحرر من قيود وتعقيدات وعيوب علم العروض وبحوره الــ 16 عشر هو التالــــــي:
** أ- ما حدث في عشرينيات القرن الماض من تمرد على بحور وموازين الشعر الكلاسيكية المعروفة الــ16 وتمثل ذلك في إنطلاق ما سمي (( بالشعر الحر او شعر التفعيلة)) .. والذي كان من رواده نازك الملائكة وأحمد مطر وغيرهم… فقد واجه رواد الشعر الحديث هذا معارضة شرسة ومصاعب جمَّا ، ولم يعترف المتشددون بألشعر الحر بأنه نوع من انواع الشعر إلا بعد وقت طويل ونضال مستمر وجبار من قبل رواد الشعر الحديث ..!!
** ب : ومن السلبيات لعلم العروص ايضا هو تدني بل وانعدام تقريبا أي إزدهار او تطوير او ابتكار جديد لبحور الشعر العربي الفصيح الموزون خلال عصرنا الحالي بالذات إلا ما ندر ، بل ويكاد الشعر العربي الفصيح الموزون أن ينقرض ايضا كلما مر الزمن ..!!
**ج : هروب الكثير من شعراء عصرنا الحالي المبدعين والموهوبون والمثقفين من عيوب ومشقة علم العروض و تعقيداته وعيوبه إلي ما يطلق عليه (( بشعر العامية)) .. او (( بالنثر )) .. وهذين النوعين من الشعر او الأدب ازدهرت وتطورت في عصرنا الراهن بل وتلاقي اعجاب وترويج وتشجيع متزايد لدى معظم شرائح المجتمعات العربية وفي جميع الدول العربية دون إستثناء ، وبما فيهم الشرائح المثقفة والمتعلمة ايضا .. وذلك بالرغم من ان المؤيدين والمتشددين لعلم العروض لٱ يعترفون بهذين النوعين من الشعر بأنهما نوع من انواع الشعر .. وحتى يومنا هذا بالرغم من ازدهارهما وتطورهما وسعة انتشارهما..!!
★★ احبتي الكرام : ان ما كتبته ونقلته لكم بهذا المقال المتواضع هو مجرد رأي شخصي ليس إلا وبحسب معلوماتي واطلاعي المتواضع .. فلست عالما باللغة ولكــــن الفكرة والموعضة في هذا المقال المتواضع هي هامة ومطروحة للتأمل والتفكير ايضا .. فانه ليس مستغرب وليس بجديد علينا ايضا نحن كعرب التمسك بعلوم او بقرارات او بمقاطعات و التشدد في تطبيقها ايضا ولسنين طويلة او حتى لقرون عديدة ، ودون ان نفكر بأي مراجعة دورية للوقوف على السلبيات او الإيجابيات الناتجة عن التطبيق خلال فترة زمنية معينة ، وكذلك من سجيتنا نحن العرب ايضا لا نلتفت الي اهمية تقييم النتائج او حتى قبول التفكير بالمراجعة وإعادة التقييم او التصحيح للمسارات والإنحرافات ومعالجتها..!!
ختاما… . من اعماق قَلبـ♡ــيے لكم اصدق التحايا والشكر الجزيل احبتي الكرام .
.. بقلم جميل الصويلح.
صنعاء في: 2018/9/30 م

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق