الجمعة، 29 يونيو 2018

قراءة في رواية #عائد إلى حيفا#رجاء الفاريك‏

قراءة في رواية #عائد إلى حيفا#
رواية للأديب الفلسطيني غسان كنفاني تروي تفاصيل النكبة الفلسطينية من خلال ما عاشته أسرة الأستاذ سعيد من تشريد وتشرذم ذات آذار ،وتبدأ الأحداث عندما تطلب صفية من زوجها سعيد العودة إلى حيفا لزيارة منزلهما بعدما فتح اليهود الحدود وسمحوا للفلسطينيين المهجرين بذلك آملين بذلك إقناعهم بالأستسلام للأمر الواقع ،لكن السبب الحقيقي لرغبة صفية في العودة لحيفا هو تنشق أخبار عن ولدها الذي تركته رضيعا أثناء الهجوم على حيفا ولم تستطع العودة إليه وملخص هذه الأحداث يتمثل
في هجوم اليهود تحت غطاء وحماية إنقليزية على مدينة حيفا ،مما دفع السكان الفلسطينيين للهرب خوفا من تكرار مجزرة دير ياسين ،وتصل الأحداث إلى قمة الدراما عندما تخرج صفية باحثة عن زوجها ،تاركة رضيعها ،خلدون، بالبيت ،لكنها تضيع وسط سيل الحشود المتدافعة. في حين ينطلق سعيد في رحلة البحث عنها فيجد ألف حاجز يمنعه ويدفع به نحو الميناء وفي الآثناء يلتقي بزوجته صفية لكن لا سبيل للعودة إلى المنزل واصطحاب الطفل
فيصابان بالذهول وتتسارع الأحداث فإذا بهما في قارب يرحل بهما بعيدا دون خلدون ،

يحاول سعيد إثناء زوجته عن الأمر لكنه في قرارة نفسه يصارع ذات الرغبة ،فيقرران الذهاب وأثناء رحلة العودة يسترجع سعيد الكثير من أحداث ذلك اليوم وما سبقه وما لحقه من مشاهد الصراع مع المحتل في حين كانت صفية غارقة في هواجسها ،مؤملة أن تجد خبرا عن ابنها رغم ضعف هذا الأمل ،فقد بحثوا عنه لسنوات دون جدوى
تتصاعد الأحداث عندما يصلان إلى المدينة التي يحس سعيد أنه منها لكنها تنكره ،ويصلان إلى البيت الذي يحمل كل الذكريات وهناك يكتشفان أن كل شيء تقريبا ما زال على حاله مذ غادراه منذ سنوات فحاولا السيطرة على مشاعرهما والهروب من وقع الذكريات إلى الواقع المحتوم الذي ينتظرهما خلف باب المنزل وتحدث المفاجأة ،فقد اكتشفا أن ابنهما لم يغادره قط ،وأنه عاش تحت سقفه طيلة تلك السنوات العشرين مع عائلة يهودية ،ربته ولم تخف عنه حقيقة كونه عربيا ،وأن عائلته هربت وتركته ليواجه مصيره ،يهوديا كان إذن ،ناقما كل النقمة على عائلته العربية التي تخلت عنه ورافضا لكل المبررات
وهنا يتبين سعيد أن ليس المدينة فقط من ينكره بل ها هو ابنه يتنكر له ويتهمه بالاستسلام والخنوع وأنه كان من الأجدر به أن يموت ولا يتركه خلفه ،صفية في خضم كل ذلك لا تستطيع الاستيعاب ،كانت متصورة أنها سترتاح أخيرا بعد العذاب الذي مرّ بها لكن إنكار ابنها لأمومتها وأبوة سعيد كان أكبر من أن يتصوره عقلها البسيط ،طرحت على ولدها سؤالا وفي ظني ذاك هو لب المأساة#هل أن الخطأ يبرر الجريمة التي ارتكبت وترتكب في حقهم ؟
في وسط كل هذه الأحداث كانت شخصية الأم الحاضنة ذات الأصول الاوربية الشرقية ،محورية في نقل ما غاب عن الوالدين من أحداث بعد مغادرتهما لحيفا ،بل إن ما شهدته هي بذاتها من مأساة فقدان أخيها ووالديها على يد النازيين كان حاضرا وبقوة ورغم ما شهدته من تكرار للمأساة مع الفلسطينيين فإنها رضيت بالبقاء في أرض مغتصبة وتربية طفل ليس لها عوضت به فقدانها للقدرة على الإنجاب
النهاية كانت غير متوقعة ،فقد غيرت هذه المواجهة فكرة الأب الذي كان يرفض المواجهة مع العدو خشية خسارة أخرى ،لكنه عاد وهو مصر على الدفع بابنه خالد إلى المقاومة رغم ما قد ينجر

عن ذلك من مواجهة الأخ بأخيه المجند الإسرائيلي ،إذ لم يبق من خيار سوى المقاومة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق