الثلاثاء، 12 سبتمبر 2017

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ (التّرابطُ بينَ الآيات) :المهندس خليل الدّولة

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ (التّرابطُ بينَ الآيات) :
قالَ تعالى (وإذ قالَ لقمانُ لِابْنِهِ وهوَ يِعِظُهُ يا بُنيَّ لا تُشْركْ باللهِ إنَّ الشّركَ لَظُلمٌ عظيمٌ * ووصّينا الأنسانَ بوالِدَيهِ حَمَلَتْهُ أمُّهُ وَهْنًا على وَهْنٍ وفِصالُهُ في عامَينِ أنِ اشْكُرْ لي ولِوالِدَيكَ إليَّ المَصير* وإنْ جاهَداكَ على أنْ تُشرِكَ بي ما ليسَ لكَ بهِ عِلمٌ فلا تُطِعْهُما وصاحِبْهما في الدّنيا معروفًا واتَّبعْ سَبيلَ مَنْ أنابَ إليَّ ثمَّ إليَّ مَرجِعُكم فأنَبِّئُكم بما كنتم تَعملونَ* يابنيَّ إنّها إنْ تَكُ مثقالَ حبَّةٍ مِنْ خَردلِ فَتَكنْ في صَخرةٍ أو في السّمواتِ أو في الأرضِ يأتِ بها اللهُ إنَّ اللهَ لطيفٌ خبيرٌ) لقمان الآيات 13 ،14،15،16.
يخبرُنا تعالى عن وصيّةِ لقمانٍ الحكيمِ لأِبنِهِ أثناءَ موعظتِهِ لهُ وأولى وأهَمُّ وصاياهُ التّوحيدُ الّذي هوَ أُسُّ وأساسُ العقائدِ لأنَّ الشّركَ باللهِ مُحْبِطٌ للأعمالِ الصّالحةِ قالَ تعالى (لئنْ أشركتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ ولَتكونَنَّ منَ الخاسرينَ) الزمر 65 ، ثمَّ يخبرُنا تعالى عن وصيَّتِهِ للأنسانِ بوالِدَيهِ خيراً لأنّهما سببُ وجودِهِ وهما مَنْ اعْتَنيا بهِ وخاصّةً والدتُهُ الّتي حَمَلَتْهُ (على ضَعفِها) وربّتْهُ وأرضَعَتْهُ الى أن كَبُرَ واشتَدَّ عُودُهُ وأمرِهِ بطاعتِهما بالمعروفِ إلّا في حالةٍ واحدةٍ وهيَ أمرُهما لهُ بالشّركِ باللهِ ففي هذهِ الحالةِ عليهِ أنْ لا يطيعَهما ولكنْ يبقى مُحْسِنًا لهما ثمَّ يخبرُنا تعالى عن إحاطةِ عِلْمِهِ بكلِّ شيءٍ في السّمواتِ والأرضِ حتّى حبّةِ الخردلِ المخبوءةِ في صخرةٍ ما فهوَ اللّطيفُ الخبيرُ، ولكنّنا عند التّمَعّنِ في الآياتِ الكريماتِ أعلاهُ نجدُ أنَّ الخطابَ تحوّلَ من خطابِ لقمانٍ لأبنهِ وهوَ يعِظُهُ الى وصيّةِ اللهِ تعالى للأنسانِ بوالدَيهِ خيراً ثمَّ رَجْعُ الخطابِ ثانيةً للقمانٍ وهوَ يَعِظُ ابْنَهُ ويوصيهِ بتلكَ الوصايا فما السّرُّ في ذلك َ ؟؟
والجوابُ عنهُ أنَّ اللهَ سبحانَهُ أرادَ أثناءَ موعظةِ ووصايا لقمانٍ لأبنِهِ أنْ يُذَكِّرَنا بِعِظَمِ حقِّ الوالِدَينِ على الأبناءِ وذلكَ أنَّ الآباءَ لا يحتاجونَ الى توصيةٍ مِنْ أحَدٍ للإعتناءِ بأبناءهم فهم مجبولونَ غريزيّاً على ذلكَ ولكنَّ الأبناءَ في أثناءِ حركةِ الحياةِ ينسَونَ واجبَ الأعتناءِ بالوالِدَينِ والقيامِ بحقّهما فناسَبَ أنْ يُذَكّرَهمُ اللهُ تعالى بهذا الأمرِ أثناءَ وصايا لقمانِ لأبنِهِ لأنَّهُ هوَ المكانُ المناسبُ لذلكَ ، فانظرْ الى التّرابطِ البديعِ بينَ الآياتِ وقلِ سبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلْما.
المهندس خليل الدّولة

12/9/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق