الجمعة، 31 مايو 2019

جراح فوق الشفاه / بقلم الشاعر فراس المصطفى

جراح فوق الشفاه
/ فراس المصطفى /
.................................

منذ سنينَ خلتْ
هرمتُ.. كبُرتُ.. ولم أتفوّه حرفاً..
وبنى الحزنُ بيوت الألم
على شفتيَّ..
ووطني أشلاء تتبعثرُ رملاً..
وجُنِنَّا قبل رحيل العُمر..
والآجام لقومي تحترقُ ببطءٍ..
لن تُبقي شيئاً..
وكواكبُ هاتيكَ الأفناء
أمستْ شُهُباً..
وحرائقُ تتوارى الأنظار بجبنٍ..
تظنُّ بأنّنا سَكرى..
لا نفقهُ إن كانت سعداً.. أم جُرماً..
شجرٌ.. حجرٌ.. مدرٌ..
لم يبقَ سوى
قيعانُ الأرواحِ الوسنى..
وأُوَرٌ تتزايدُ كُرهاً لا تنضب..
شخنا يا قاتلة الأطفال وتهنا..
ورحلتْ كلُّ حروفي..
كلُّ حدائق أزهاري أضحتْ شوكاً..
وكلُّ دمائنا ماءً أمستْ..
فالدّمُ قد نضبَ.. ولم يبقَ دماً..
ينابيعهُ سُرِقَتْ كالنفطِ
وبيعَتْ خمراً..
وجراحُنا لا تنزف.. بل تلهجُ ذكراً..
تتكلّمُ ألم الأطفال الجوعى..
فالدمُ نضبَ..
كالنفط.. وتاه بباطن سُرَّاق مدينتنا..
ونساءٌ تتمايلُ ذوباً جوعاً..
جفَّ اللبنُ بصدرها..
والرُّضَّعُ ما فَتِئت تتنفّسُ عطراً..
والبردُ يشلُّ..
والثلجُ يظُنُّ.. يداوي طفولتنا بدلاً لشواءٍ..
داوِ فإنّنا أشباحٌ موتى..
أقدام الأطفال تئنُّ أنيناً أسمعهُ..
ما ذنبُ الأطفال الجوعى..
لم أتكلّم كُفراً.. لا أبداً..
ولم أعلن ظُلماً..
والإعلامُ يتاجرُ فينا كالإبل..
لا بل كخرافٍ في سوق الغنم..
يعلنُ كلّ صباحٍ
أنّنا أشلاءٌ في الأرض..
هو يلهجُ..
لا من أجل كلمة الحَقِّ..
بل لرضى حُكّام العربِ..
أذناب الخزر..
وشتات الماضي.. مسح تشتُّتهُ فينا..
وأمسينا نحنُ شتات العصر..
في عرض البحر غرقنا..
وهُنا وهُناك.. وفي الوحل علقنا..
وتهنا في أصقاع الغرب..
والصحُفُ تُسامرُ وحدتها..
وتقولُ.. مساكينٌ أطفالُ مدينتنا..
نساءُ الحيِّ سبايا..
ووجعُ كراماتٍ لرجالٍ..
ورق خريفٍ بتنا..
أيا تُجّار الماء العكرِ..
اصطادوا..
فلقد شاركتُم آكلة البشرِ..
ولوك الكبدِ العَطِرِ..
يا وطني..
بتنا شُذَّاذ الآفاق..
في نظر علوجٍ أوغاد..
لا دين لهُم.. إلا الرُّعب..
لا مستقبل يحبو فينا..
جفَّتْ مآقينا..
سواقي حديقتنا..
وعُقوقُ الأولاد ذَبَحَنا..
قُم يا وطني.. وانعَ عُقوقاً..
فأولادُك هدموا الرُّكنَ..
وبتَّ حزيناً..
وتكالُب جيران مدينتنا..
سرقتْ كلّ مؤونتنا..
بتنا جوعى..
هُم جيرانك سُرَّاق الآفاق
أذناب الفوضى..
ونحنُ نئنُّ أنيناً.. آهات..
بتنا كسبايا بابل..
وفي التّيه غرقنا..
................................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق