السبت، 27 يناير 2018

مَرايا الغَمام. / معين شلبية

مَرايا الغَمام. / معين شلبية
غَامَتْ فيْ دَلالَتِها الحُروفُ
وَغابتْ نَفْحَةُ الطِّينِ المرَصَّعِ بالشَّتات
تَحسَّسْتُ انعتاقِي فيْ مَغيبِ اللَّونِ
حَينَ فَرَّ الحُلْمُ مِنْ خَلْفِ الإِياب
حَاملاً صَوتي مَرايا
لاَبساً وَجْهَ السَّحاب
لِعلَّ ماءً دافقاً يُفضِي
صَوْبَ سِيرَتِنَا الطَّريدَة.

رِيحُ الضَّياعِ
تَعصِفُ فيْ خيامِ اللاَّجِئِين
وَالموحِشاتُ تَسِفُّ مِنْ أَلَقِ البلادِ
حِينَ تَنْفَطِرُ السَّماءُ عَلى السَّماءِ
فَاكتبْ نشيدَكَ للحياةِ
وَاشعلْ طُقوسَ العائِدِيْن
عَلى طَيْفٍ
يُزَنِّرُ صَهْوَةَ الإِسراءِ
نَحو مأْساتِي المجيدَة.

جَسَدِي قبرٌ عَلى سَجَّادةِ المنفَى
رُوحي بياضٌ فيْ مَلاذِ العاصِفَة
وَأَنا أَنا
لَسْتُ قدِّيساً وَلا متزهِّداً
لأَعرفَ مَا وراءَ الغيبِ
وَأُكْمِلَ رحلَةَ الأَضدادِ
فيْ نُسْغِ مَغناتِي الشَّريدَة.

سَأَحْلُمُ، كلَّما شَطَّبْتُ حَرْفَاً راكِدَاً
بِسَماحَةِ الأَلوانِ
وَكُلَّمَا فتَّشْتُ عنهُ
عَادَ يَهذِي مرَّةً أُخرَى بقافيةٍ
تُطِلُّ عليَّ مِنْ صَحراءِ قافلتِي
كَخيمةِ المنفيِّ
فيْ حُضْنِ القصيدَة.

لاْ ذَنْبَ فيْ كَفِّي
لاْ، ولاْ ريحُ القُبورِ
تَكفي كيْ تُدَقَّ القارِعَة
لاْ وقتَ عندَ الوقتِ
فَاحملْ جانحيكَ فوقَ الرِّيحِ
عَلَّ الرِّيحَ
تُمْطِرُ الأَحلامَ مِنْ بَعدِي
عَلى خَدِّ الشَّهيدَة.

دَالَتِ الأَحزانُ
وَالأَحزانُ مِرْساتِي الأَخيرَة
فَخُذِيْ بقايَا الماءِ عَنِّي
وَانْثُرِي جَسَدِي المعَبَّأَ بالغَمامِ
عَلى جبينِ الشَّمسِ
كَأَنَّ الشَّمسَ تُوشِكُ أَنْ تُطِلَّ
عَلى جبينِي مَرَّةً أُخرَى
وَتَرمِي شالَهَا الوردِيَّ
فيْ دمِّي الَّذِي
كَسَرَتْ جليدَه.

فَرَغَتْ مِنْ رسالَتِهَا القصيدَة
رَحَلَتْ وحيدَة
كأَنَّها هَجْسٌ خُرافيٌّ
يراوِدُهَا الحنينُ.. فتستعيدَه
وطقسٌ،
كشطحةٍ صوفِيَّةٍ يتلُو
عَلى
الدُّنيا
نشيدَه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق