السبت، 25 نوفمبر 2017

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في اسْتخدامِ الألفاظ (التّقديمُ والتّأخيرُ) :المهندس خليلُ الدّولة

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في اسْتخدامِ الألفاظ (التّقديمُ والتّأخيرُ) :
قالَ تعالى (وجَعَلْنا في الأرضِ رواسيَ أن تَميدَ بهم وجَعَلْنا فيها فِجاجًا سُبُلًا لعلّهم يَهْتَدونَ) الأنبياء 31.
وقالَ تعالى (واللهُ جَعَلَ لكمُ الأرضَ بِساطًا * لِتَسْلُكوا منها سُبُلًا فِجاجا*) نوح 19 ،20 .
في الآيةِ الأولى بيّنَ تعالى أنّهُ بعدَما خَلَقَ الأرضَ جَعَلَ فيها الجبالَ لِتَثْبيتِها لئلّا تتحَرّكَ وتضطّربَ وجَعَلَ فيها هذهِ السّبُلَ لِتَسهيلِ حركةِ النّاسِ والدّوابِّ بينَها للوصولِ الى الأماكنِ الّتي يريدونَها.
وفي الآيةِ الثّانيةِ بيّنَ تعالى أنّهُ جَعَلَ الأرضَ بِساطًا أيْ سهولًا واسعةً وجَعَلَ فيها طُرُقا لِتَسهيلِ التّنَقُّلِ من مكانٍ إلى آخَرٍ .
ولكنّنا عندَ التَّمَعُّنِ في الآيتينِ أعلاهُ نلاحظُ أنّهُ تعالى قَدّمَ الفِجاجَ على السّبُلِ في الآيةِ الأولى وقَدَّمَ السُّبُلَ على الفِجاجِ في الآيةِ الثّانيةِ فما السّرُّ في ذلك ؟؟!!
والجوابُ عنهُ أنّهُ تعالى ذَكَرَ الجبالَ في الآيةِ الأولى وبيّنَ ما جَعَلَ فيها مِنَ الفِجاجِ (والفَجُّ هو الطّريقُ بينَ جَبَلَينِ ويأتي بمعنى الطريقِ الواسعِ البعيدِ واسْتِعْمالُهُ للطُرُقِ بينَ الجبالِ هوَ الأكثرُ) لأسْتعمالها كَسُبُلٍ من قِبَلِ النّاسِ والدّوابِّ فَقَدّمَ الفجاجَ على السُّبُلِ لهذا السّببِ . وفي الآيةِ الثّانيةِ ذَكَرَ تعالى الأرضَ عُمومًا وبيّنَ أنّهُ جَعَلها بِساطًا ومِنَ المَعلومِ أنَّ السُّبُلَ في الأرضِ أكثرُ منَ الفِجاجِ بينَ الجِبالِ ولهذا قَدَّمَ السُّبُلَ على الفِجاجَ واللهُ أعلمُ . فانْظرْ إلى الدّقّةِ في التّعبيرِ القرآني الّذي لا تغيبُ عنهُ شاردةٌ ولا واردةٌ وقلْ سبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلْما .
المهندس خليلُ الدّولة

25/11/2017

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق