الخميس، 30 نوفمبر 2017

أنا أتوه في مكان واحد بقلم الشاعر إبراهيم العمر

أنا أتوه في مكان واحد
بقلم الشاعر إبراهيم العمر
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
عندما أفيق من غيبوبتي فيك,
أفيق من السكر
وأستيقظ من النشوة والسحر,
أشرد في غياهب الغروب,
أشرد في شروق الشمس
وولادة النهار
وبساتين القمح
وأشجار الزيتون.
تسرقني الطبيعة منك لأعود إليك.
أنا أعشق الطبيعة, أيتها الغالية,
وكأنها جزء من ممتلكاتك.
وكأنك أنت اشتريت الطبيعة ..
وكأنك أعطيت كل شيء في الطبيعة لمسة منك ..
كأنك أعطيت كل زهرة نفحة من عطرك ..
الآن فهمت عشقي لك
وفهمت عشقي للطبيعة.
أنا أتوه في مكان واحد,
سواء كان توهاني في الطبيعة
أو كان توهاني فيك.
أنا يا حبيبتي عندما تظلمني الدنيا,
عندما أشعر باليأس والقهر والحرمان,
عندما أهرب من العالم بأسره,
وألتجيء اليك,
وأرتمي في أحضانك,
فأنا أرتمي في أحضان الطبيعة.
أنا كان يغمرني هذا الإحساس,
لم يكن يحضرني هذا الجواب,
لم يكن يحضرني هذا التحليل.
اعذريني, أيها الحب الكبير,
اسمحي لي أن أضيع
وأشرد في أحضانك
وتحت فيء أشجارك,
لا تبحثي عني,
أنا منصهر في ترابك,
انسيني,
دعيني أرمي كل أعبائي
وأغيب في سهولك ووديانك.
فهمت الآن لماذا أحبك,
فهمت لماذا أحب الطبيعة,
الآن فهمت سر هذا الجمال
في انعكاس أشعة الشمس
على عرانيس الذرة
مثل الذهب السائل
تتدلى عليها خصلات الشعر الأشقر
مثل خيوط الذهب الخالص عيار 24,
الآن فهمت هذا الصفاء والنقاء في زهور البيلسان,
الآن فهمت سر هذا العبير وهذا الشذا
وهذا السحر الذي يأخذني في كل مرة
أنا أختلي بنفسي
وأسيل على سفح الجبل
وعلى حبات الحصى المصقولة
التي تلمع وتتغنج وتتمايل
تحت لمسات مياه الجدول الصغير,
تعانق عروق الجرجير,
في الحديقة الصغيرة المليئة بالحيوانات الأليفة
وشتى أنواع الأشجار والزهور.
الآن فهمت سر هذا العشق وهذا الشغف,
فهمت سر جمال هذا التناسق والإنسجام والتوافق والتناغم,
فهمت سر هذا الإنجذاب والتوق والانسياق,
فهمت ما الذي يأخذني مسلوب الإرادة,
يسكرني وينشيني ويذيبني ويصهرني ويمحيني,
فهمت ما الذي يتراءى لي في الوهم والهلوسة والخيال
ويخربط كل تكاويني,
يعيد ترتيب مكنوناتي وأفكاري وقصصي وحكاياتي
ومخزونات القضايا المدفونة
في مستودعات اللاوعي
ومستوعبات الضمير.
ــــــــــــــــــــ
إبراهيم العمر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق