الثلاثاء، 24 يناير 2017

زهرة اللؤلؤ. بقلم الشاعر إبراهيم العمر

زهرة اللؤلؤ.
بقلم الشاعر إبراهيم العمر.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ​

زهرة اللؤلؤ
تجتهد بقوة لتجد الكمال
تحب , دائما , الجمال الحقيقي الأزلي المطلق
وتفتش عن القييم العليا في الحياة
تجمع الحياة بكاملها
بكل ما فيها من حب وكراهية
لقاء وفراق
نشوة وألم
بقبضة يدها
ورغم كل شيء , هي قوية , قادرة
مؤمنة وساحرة
تخفي عن الناس سرائرها
زهرة اللؤلؤ فتاة
فهمت جيدا معنى الحياة
وأدركت جيدا سرّ الوجود
بينما لا تزال في مقتبل الشباب
لذلك , غالبا , ما تراها
في بعض الأحيان تضحك
وتبكي في بعض الأحيان
تطلب لنفسها اللذّة
لتحافظ على ديمومة الألم
الذي يخلق في النفوس العبقرية والنبوغ
تضحك كثيرا
ولا يراها الناس إلاّ مبتسمة
ولكن , عندما تنفصل عن الآخرين وتنعزل
تجلس منفردة , خائفة
تسمع روحها أصوات قلبها
المتقطعة من كثافة الكآبة
تتلاشى من الآلام
وتغوص في العذاب
زهرة الؤلؤ تريد أن تخاطب الحياة
لتقول لها
بأنها نفسها , حياة متكاملة
تجتمع فيها كافة المتناقضات
زهرة اللؤلؤ
لا تسكن في روح أي إنسان .
يرثى له , من تسكن في روحه
إذا لم تكن روحه قوية
وعاتية مثل القدر
نعم , الأرواح , التي تحب أن تغمر زهرة اللؤلؤ ,
وتلمسها
أو أن تشّم رائحتها
يجب أن تكون قادرة على سماع أنفاسها
واستنشاق عبيرها .
لأن في إستنشاق كل هذا العبير
هناك ما ينشي الروح
وفي نشوتها
تغيب عن عالم الحس والإدراك في هذا الوجود ,
وتموت وتنمحي
هل كل الأرواح
قادرة على تحمل أثقال الموت
وتذوق طعمه ؟
هل كل الأرواح
تقدر أن تنتشي تلك النشوة ,
وتغيب تلك الغيبوبة
وتعود بعد تلك النشوة
وبعد تلك الغيبوبة
مرة أخرى
الى الحياة ؟
كثيرة تلك الأرواح التي تفنى
كثيرة تلك الهياكل العظمية التي تتحطم
ولكن نادرة
ونادرة جدا
تلك التي تعود الى الحياة بعد الموت !!
بائس , هذا الذي
تصرعه أنفاس زهرة اللؤلؤ , ويموت
إذا لم يكن قادرا على تحمّل الموت
يرثى لهم ,
أصحاب الأرواح الضعيفة ,
الذين يعانقون زهرة اللؤلؤ القوية ,
تصرعهم ,
ويموتون موتة كاملة
ونهائية بحيث لا يعيشون , بعدها , حياة أخرى
ليس من المنطق ان يتواجه الضعف مع القوة ,
وخاصة , إذا كان الأول تائه , شارد , غير واع وغير مستعد
وكانت الثانية واعية , قادرة على ابتلاعه ورميه تحت أقدامها العاتية .
تلك القوة ,
التي تكمن عند زهرة اللؤلؤ ,
ليست قوة المستبد في بطشه ,
ولا العنيد في تجاوزاته ,
ولكن , هي الأرواح الحسّاسة ,
تذوب من حلاوة الألم ,
ليتوّلد بعد هذا الذوبان ,
ومن جرّاء تلك الأوجاع ,
تلك القوة الروحية .
كم هي جميلة !
تلك الآلآم التي توّلد القوة , والإيمان .
سحقا , لكل ألم ولكل حزن
يقهران النفس ويجعلانها تيأس
ولا تثق بأي إنسان
وتنتحر وتمجّد الإنتحار
عقلي , يتعارك ضد عاطفته .
أحيانا , العقل يرى بأن الحقيقة
تأتي عن طريق الإدراك
والتي هي طريق التفكير ,
وغالبا , ما تحدّثه العاطفة
بأن كل ما يوجد في الكون من الحقائق
لا يدرك إلاّ بالعاطفة .
وتبقى زهرة اللؤلؤ , هكذا ,
القوى الواعية تجذبها ,
والعاطفة تغويها ,
إلى أن ينقضي مجراها , وتموت .

ــــــــــــــــــــــــ
إبراهيم العمر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق