السبت، 22 يونيو 2019

تحليلي المتواضع / عبدالباري محمد المالكي قصيدة ( أمنية )/ خالد الباشق

تحليلي المتواضع / عبدالباري محمد المالكي
قصيدة ( أمنية )/ خالد الباشق
الباشق ... هو ذلك العاشق الذي عشق بسلامة قلب ٍ ، وصفاء سريرة ، وصدق ِ وفاءٍ ،في قرب ٍ او في بُعد ٍ ، فتعلقت حباله بمعشوقته ، وأدمن على رؤياها ، لتصبح له خليلة تصبو اليها نفسه ، فما فرّق الدهر بينهما يوما ، لسخط ٍ كان ، او غضب حان ، حتى حانت ساعة الفراق الحقيقية بموتها ابكاه طوال حياته وتمناه لنفسه .
و (أمنية) عاشقنا هي من الأمانيّ التي يعلم جيدا ً انها لن تتحق ذات يوم بعد هجر اصابه من معشوقته وهي مجبرة عليه ، فاستمرّت نجواه لها دون ان تنقطع عنه سلسلة ذكرياته التي باتت تتوسع في داخله ، اذ طرحت مخاوف دفينة كامنة في شعوره ولا شعوره ، حتى استدرجته تلك المخاوف في أوجها الى استنطاق فؤاده الموءود وهو يطلب عودتها مقابل نصف عمره الذي لم يعد يتشبث حتى في ساعةٍ منه ، لِما رآه من تصدع ٍ في جوارحه ، ومن نار ٍ أولغت في صدره ، ولوعة ٍ جاست زوايا خافقه .
فما أسمج الحياة بعد معشوقته ، وماأقبح الهوى دونها ، وما أشد الألم الذي أسكنته فيه بعد فراقها إياه ، حتى أصبح الهجيع أمنية اخرى له لن تتحقق ذات يوم ، فلا نوم َ يعالجه ، لندم مازال يكابده ، بمرارة جرعةٍ تجرّعها هو من حزن ِ النوى وهو يجود بنفسه في عشق يعيش قهره في كل دقيقة ، فقد انتزع القدر من جنبيه حياته كلها ، حتى عاد عليلاً لايهاب الموت ان حلّ به ، وذلك من شقاء بعد حياته الاولى ، فأصبح يعيش في عمق دهليز كان يخدع عيونه سراباً .
وعاشقنا وان كان يعلم ان الصمت هو العالم الارحب بعد غرام ابصره في عينيها ، ومناغاة سمعها من شفتيها ، وكأس ارتواه من كفيها لم تدع في قلبه عشقاً يسع غير معشوقته ، لكنه يعلم بنفس الوقت ان رحيلها حقيقة غير مشوبة بخيال ، فأخذت منه تلك الحقيقة في نفسه مأخذاً ، وتركت في قلبه أثراً ، حتى بدت تتراءى له في خواطره وتصوراته شبحاً ملثّماً بلثام الغيب ، ونجماً زاهراً أفل قبل طلوعه ، فتسرب الى حواسه حديث ُ النفس ، ودبيب ُ المنى ، فهاج في وجدانه خيال ُ الشعر ، فاخترق به كل حجاب ، وبدات حينها ساعة البكاء لفراق ٍ يدوم حتماً ، وجزع ٍ يعم ّ رغماً ، حينها ايقن عاشقنا ان نهايته في زفرة من غيظ ، ودمعة في فيض .

قصيدة (أُمنية ) / خالد الباشق
……

يا ليتني مِن بعدِ هجركَ أرجعُ
لحياتيَ الأولى فلا أتوجعُ

هذا محالٌ كيفَ لي تحقيقهُ
والذكرياتُ بداخلي تتوسعُ

كلُّ الذي كنّا نعيشُ لأجلهِ
أمسى سراباً في عيوني يخدعُ

أعطيكَ نصفَ العمرِ واسمع مطلبي
أو كلهُ ما عادَ قلبي يطمعُ

خذ ما تشاء فقط أعد لي ساعةً
قبل الهوى والله فيها أقنعُ

وامسح جميعَ الذكرياتِ بداخلي
فجوارحي مما أرى تتصدعُ

هذا الهوى مثلُ الجحيمِ ونارهُ
في الصدرِ منها خافقي يتلوعُ

ورجعتُ بعدكَ لا حياةَ ولا هوى
قد ملَّ مِن صكِّ الثنايا الأصبعُ

ماهمني إن متَّ فيكَ متيماً
ندمي على عُمرٍ مضى لا ينفعُ

قل لي بربكَ ما استفدتَ بمقتلي
هل كنتَ في هذا الأذى تتمتعُ؟

في العشقِ عشتُ القهرَ كل دقيقةٍ
والله مِن حزنِ النوى لا أهجعُ

أبكيتني في كلِّ يومٍ رغبةً
وأنا لربي خفيةً أتضرعُ

لكنني راضٍ فأنتَ حقيقتي
بكَ كنتُ أبصرُ في الغرامِ وأسمعُ

هذي غيومُ فراقنا ورحيلنا
فوق النواظرِ ثقلها يتجمعُ

عش سالماً واهنأ فتلكَ نهايتي
تفديكَ عيني إن تشا والأدمعُ

خالد الباشق

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق