السبت، 22 ديسمبر 2018

في الموكب،،،عمر هنداوي

ذكّرني الصديق الشاعر إسماعيل حاج محمد بقصيدة كنت قد كتبتها أيام الانتفاضة الأولى...وكنت قد نشرت في مجلة المواكب العدد 7و8 سنة 1988 وقرأها الصديق اسماعيل حاج محمد في بحث للدكتور عادل أبو عمشة من جامعة النجاح بعنوان شعر الانتفاضة .
ولذكرى تلك الانتفاضة الطاهرة النظيفة أنشر هذه القصيدة ، وأرجو المعذرة إن كان بها بعض الكسور ، فهي من شعر الشباب :

في الموكب
حينَ ترجَّلْتَ...
كان الفارسُ قد آنَ له أنْ يترجّلْ
أدَّيْتَ الواجبَ...
أمّا آخرُ حجرٍ في يدكَ
فتَناوَلَهُ مَنْ كان بقُربِكَ
ورماهُ على أقربِ خوذهْ
***
حينَ ترجَّلْتَ...
كانت كفّاكَ الناعمتان قد اخشوشنتا
أمّا رئتاكَ – ولم يدخلْ في جوِّهما إلا رائحة الزيتونْ
فقد أدْمنتا منذ زمانٍ
رائحةَ الغازْ...
والرِّجْلُ – وما كانت تعرفُ أنْ تمشيَ إلا في كرمِ الزيتونِ
فصارتْ تركضُ ركضَ خبيرٍ
في كلِّ زقاقْ...
الكوفيّةُ كانت تنفعُ في الحرِّ وفي البردِ
أمّا الآن فصارت علمًا وشعارًا
ثمَّ الأكفانْ
***
كنتَ شديدًا...شكِسًا
تضربُ إخوتَك الضعفاءَ
وتضربُ أولادَ الجيرانْ
وكانت فاطمةُ على شُبّاكِ الدارِ إذا أقْبلتَ
أمّا الآنْ ...وحينَ تَرَجَّلْتَ
أصبحتَ رقيقًا...تُبْعِدُ إخوتَكَ وأولادَ الجيرانِ
عن النيرانِ وعن خوذاتِ الجندْ
وتُحَيِّي فاطمةَ...
فهي أمامك في الشارعِ
تهتِفُ وتشيرُ بيدها بعلامةِ فقءِ العينْ
***
في ذاك اليومِ
وحينَ تجلَّى الفجرْ...كنتَ تدورُ على إخوتِكَ
لتوقِظَهمْ...
فيجيبونَ مُلَبِّين نداءَكَ...
كلٌّ يخرجُ من دفءِ فراشِ الصبحْ
يدُهُ تمتدُّ إلى وجهِ الأرضِ الباردِ
يبحثُ عن حجرٍ يَقْذِفُهُ...
الحجرُ ذكيٌّ يعرفُ كيفَ يطيرُ وكيفَ يحطُّ
هيّا يا إخوه !
وقذَفْتَ الحجرَ الأوّلَ
فانطلقَ إلى قلبِ الظُّلْمَهْ
لحظةُ صمتْ !
ثمَّ رَمَتْكَ الظُّلْمَةُ بالنيرانْ
وصرختَ على إخوتِكَ
هاكمْ حجري ألقوهْ !
ورماهُ مَنْ كان بقربِكَ...
فأصابَ بهِ أقْربَ خوذهْ !

عمر هنداوي
تموز
1988

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق