الجمعة، 5 يوليو 2019

الى والدي ,,,,سامر الشيخ طه

كان والدي رحمه الله يعمل معلماً والكثير من الأصدقاء يعرفون ذلك وكان لي الشرف أنني تتلمذت على يديه لسنواتٍ ثلاثٍ في المرحلة الإبتدائية كان خلالها أباً ومعلماً
ولكن الملفت في الموضوع هو أنني لم أكن أشعر في المدرسة أن هذا الشخص هو أبي ولم أكن أشعر في البيت أنه معلمي ولازلت حتى اليوم متحيِّراً كيف استطاع والدي رحمه الله أن يحقق هذه المعادلة الصعبة وذللك بعدم إظهار عاطفة الأبوة لي وأنا الطفل في المدرسة حتى لا أشعر بتميزي عن بقيَّة الطلاب لدرجةٍ كنت أنسى فيها أحياناً أنه أبي فإذا ماعدت إلى البيت وجدته ذللك الأب المحب والرؤوم لدرجةٍ كنت أنسى فيها بصدقٍ أنه معلمي
وكنت أعتقد أنني الوحيد الذي أحتفظ لوالدي بهذه الصورة المشرقة حتى صرت ألتقي بالكثير من طلابه والذين أصبحوا اليوم كهولاً وشيوخاً وصرت ألمس المحبة في قلوبهم له والإعجاب والتقدير لشخصه
روى لي أحدهم أنه كان يحضر اجتماعاً لاولياء الأمور في إحدى مدارس معرة النعمان وكان بعضهم ينتقد طريقة التدريس في المدرسة وينتقد المعلمين فيها فما كان من مدير المدرسة إلاَّ أن قال لهم وكان يدير الإجتماع
( من أين ٱتي لكم بمعلمين مثل المرحوم سليم الشيخ طه)
كانت هذه الشهادة بمثابة الوسام الذي أعلقه على صدري
ومهما حققت من مكتسبات ماديَّةٍمعنويَّةٍ تجعلني أشعر بالفخر لن تصل إلى مستوى فخري بالإنتماء إلى ذلك الرجل الذي أحمل إسمه
لقد حصلنا على شهادات علمبة ومكاسب مادية لم يحصل عليها ٱباؤنا إلا أن ذلك لم يحقق لنا المكانة التي حققها لنا
انتماؤنا لهم
لقد كانوا أشخاصاً معتبرين يتمتعون بالصدق في المعاملة وبالاخلاص في العمل وبالاخلاق الفاضلة عموماّ
لقد مرَّ ثلاثون عاماً على وفاة والدي العزيز إلا أنني لاأزال أشعر أنني أحيا بظله وغالباً ما أحنُّ إليه
أحنُّ إلى قلبٍ كبيرٍ فقدتُهُ
وقد كان لي ذُخراً أباً ومعلما
وقد كنتُ لمَّا أرعوي أستظلُّهُ
وحين يصيبُ القلبَ ضربٌ من العمى
يبصِّرُ قلبي بالهدى فأنالهُ
ويمنح عقلي كلَّ ما كان مبهما
(رب اغفر لي ولوالديَّ رب ارحمهما كما ربَّياني صغيرا)

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق