السبت، 29 يوليو 2017

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ:،،،المهندس خليل الدّولة

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في استخدامِ الألفاظ:
قالَ تعالى (ما كانَ لأهلِ المدينةِ ومَنْ حولَهم منَ الأعرابِ أن يتخلّفوا عن رسولِ اللهِ ولا يرغبوا بأنفُسِهم عن نفسِهِ ذلكَ بأنَهم لا يصيبُهم ظمَاٌ ولا نَصَبٌ ولا مخمصةٌ في سبيلِ اللهِ ولا يطئونَ موطئاً يغيظُ الكفّارَ ولا ينالونَ من عدوٍّ نَيلاً إلّا كُتِبَ لهم بهِ عَمَلٌ صالحٌ إنَّ اللهَ لا يضيعُ أجرَ المحسنينَ) التوبة120.
وقالَ تعالى(ولا يُنفقونَ نَفَقةً صغيرةً ولا كبيرةً ولا يقطعونَ وادياً إلّا كُتِبَ لهم ليجزيَهمُ اللهُ أحسنَ ما كانوا يعملونَ) التوبة121.
بعدَ انتهاءِ غزوةِ تبوكٍ (وسُمّيتْ بغزوةِ العُسْرةِ لشدّتِها ) وما حدثَ فيها منَ الأحداثِ والمواقفِ ومَنْ شاركَ فيها ومَنْ تَخَلّفَ عنها نزلتْ سورةُ التّوبةِ وذَكَرَاللهُ تعالى فيها كلَّ تلكَ التّفاصيلِ ثمَّ بيّنَ أنّهُ ما كانَ لأهلِ المدينةِ ومَنْ حولَهم منَ الأعرابِ أنْ يَتَخَلّفوا عن رسولِ اللهِ ولا يُفَضّلوا أنفسَهم على نَفْسِهِ ذلكَ بأنَّ كلَّ ما يصيبُهم منَ الجوعِ والعطشِ والتعبِ وإغاظةِ الكفّارِ في مواطنِ القتالِ والنّيلِ منهم يُكْتَبُ لهم بها أعمالٌ صالحةٌ وكذلكَ ما يُنفقونَهُ منَ النّفقاتِ وما يقطعونَ منَ الوديانِ أثناءَ السّيرِ الى القتالِ أيضاً يُكْتَبُ لهم لأنَّ اللهَ لا يُضيعُ أجرَ المؤمنينَ المجاهدينَ منهم والمحسنينَ . ولكنّنا نلاحظُ عندَ التّمَعّنِ في الآيتينِ أنّهُ تعالى بعدما ذكرَ ما يصيبُ المؤمنينَ من الجوعِ والعطشِ وغيره قالَ (كُتِبَ لهم بهِ عَمَلٌ صالحٌ) في الآيةِ الأولى وقالَ في الآيةِ الثانية بعدَما ذَكَرَ ما ينفقُهُ المؤمنونَ في سبيلِ الله وما يبذلونَهُ من جُهدٍ في أثناءِ السّيرِ الى القتالِ (إلّا كُتِبَ لهم) ولم يَقُلْ (إلّا كُتِبَ لهم بهِ عملٌ صالحٌ) فما السّرُّ في ذلك ؟؟.
والجوابُ عنهُ أنَّ الّذي يصيبُ المؤمنينَ منَ الجوعِ والعَطشِ والتّعبِ وما يصيبُ الكفّارَ منَ الغَيظِ والأثخانِ من قِبَلِ المؤمنينَ لا يكونُ كلُّ ذلكَ بسَببٍ مباشرٍمنَ المؤمنينَ أيْ أنّ المؤمنينَ لم يقوموا بتجويعِ أنفسِهم ولا تعطيشِها ولاإتعابِها وإنّما حَصَلَ لهم ذلكَ مِنْ جَرّاءِ الجهادِ في سبيلِ الله فلذلكَ كَتَبَ اللهُ لهم بَدَلَ كلِّ ذلكَ عَمَلاً صالحاً أيْ نتيجةَ ذلك، وأمّا في الآيةِ الثّانيةِ فإنَّ المؤمنينَ قد باشروا أعمالَ النّفقةِ وبَذَلوا الجُهدَ في السّيرِ الى القتالِ بأنْفسِهم فَكَتَبَ اللهُ لهم ذلكَ في صحائفِهم (نفقة ، قطع الوديان ) واللهُ أعلم فسبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلما.
المهندس خليل الدّولة

2017/7/29

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق