الأربعاء، 30 أغسطس 2017

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في اسْتخدامِ الألفاظ:المهندس خليل الدّولة

دقّةُ التّعبيرِ القرآني في اسْتخدامِ الألفاظ:
قالَ تعالى (إتّخَذوا أحبارَهُمْ ورُهْبانَهُمْ أربابًا من دونِ اللهِ والمسيحَ ابْنَ مريمَ وما أُمِروا إلّا ليَعْبُدوا إلهًا واحدًا لا إلهَ إلّا هوَ سبحانَهُ عَمّا يُشْركونَ) التّوبة 31.
يخبرُنا سبحانَهُ عنِ أهلِ الكتابِ مِنَ اليهودِ والنّصارى الّذينَ اتّخَذوا أحبارَهم (وهم علماءُ الدّينِ منَ اليهودِ) ورُهْبانَهم(وهم علماءُ الدّينِ والعبّادُ منَ النّصارى) أربابًا مِن ْ دونِ اللهِ والربُّ يأتي بمعنى المالكُ والسّيّدُ والمُتَصَرِّفُ في الأمورِ ويأتي كذلكَ بمعنى المُشَرّعِ والدّليلُ على ذلكَ أنَّ عَديَّ ابْنَ حاتمٍ وكانَ نصرانيًّا أتى رسولَ اللهِ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ فسَمعَهُ يتلو هذه الآية (الآيةَ أعلاه) فقالَ : ما عَبَدوهم (أي لم يعبدِ اليهودُ والنّصارى أحبارَهم ورهبانَهم) فقالَ رسولُ الله : بلى ألمْ يُحِلّوا لهمُ الحرامَ ويُحَرّموا عليهم الحلال؟ فقالَ حاتمُ : بلى ، فقالَ رسولُ الله : فَتلكَ عبادتُهم إيّاهم ، واللهُ سبحانَهُ لم يأمرْهم إلّا بعبادتِهِ وحدَهُ فسبحانَهُ عمّا يُشركون. ولكنّنا عندَ التّمَعّنِ في الآيةِ الكريمةِ أعلاه نجدُ أنّهُ سبحانَهُ قالَ (إلّا ليعبدوا إلهًا واحدًا) وكانَ سياقُ الآيةِ يقتضي أن يقولَ (إلّا ليعبدوا ربًّا واحدا) باعتبارِ أنَّ ما سَبَقَهُ يتحدّثُ عنِ الأحبارِ والرّهبانِ الّذينَ أتُّخِذوا (أربابًا) فما السّرُّ في ذلك؟؟!
والجوابُ عنهُ أنّ مشركي قريشٍ واليهودَ والنّصارى كانوا يعترفونَ باللهِ ربًّا أي خالقًا ورازقًا قالَ تعالى (قل من يرزقُكم من السّماءِ والأرضِ أمّن يملكُ السّمعَ والأبصارَ ومن يخرجُ الحيَّ من الميّتِ ويخرجُ الميّتَ من الحيِّ ومن يدبّرُ الأمرَ فسيقولونَ اللهُ) يونس 31 وغيرُها منَ الآياتِ ولكنّهم كانوا يعتقدونَ بألوهيّةِ غيرِهِ معهُ كالأصنامِ عندَ مشركي قريشٍ ومَنْ سَبقوهم من مشركي عاد وثمود وقومِ ابراهيمَ وغيرِهم وكعيسى عليه السّلام عندَ النّصارى والنّيرانِ عندَ المجوسِ وغيرِهم ولهذا قالَ تعالى (وما أُمِروا إلّا ليعبُدوا إلهًا واحدًا) أي اللهَ الّذي هوَ المعبودُ الحقُّ الّذي يجبُ أن تتّجهُ العبادةُ إليهِ وحدَهُ لا شريكَ له. فانظرْ الى الدّقّةِ في استخدامِ الألفاظِ وقلْ سبحانَ الّذي وسِعَ كلَّ شيءٍ عِلما.
المهندس خليل الدّولة

2017/8/30

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق